سوزان صوالحة - محافظة اربد

2018-10-03

 

اسمي سوزان، من محافظة إربد، كنت فتاة عادية في المجتمع حتى خضت تجربة العمل التطوعي لأول مرة. كانت مرحلة فاصلة في حياتي، شجعتني أن أكون إنسانة مختلفة، إنسانة تسعى لرفع الوعي حول الواقع الثقافي والاجتماعي، أسعى للتغيير الإيجابي وترك بصمة خير في المجتمع، ومنذ ذلك الوقت، لم أتوقف، انخرطت في العديد من البرامج التدريبية وورشات العمل والمبادرات المجتمعية.

المشاركة في الدورات التدريبية كانت معظمها تعقد في عمان وتمتد لآخر النهار، كان يتطلب ذلك مني التنقلفي أوقات متأخرة، وكثيرا ما كنت أصل لإربد بعد غروب الشمس ولا سيما في فصل الشتاء. كنت أمشي عدة كيلومترات لمنزلي، كان يقلقني وأهلي عدم توفر إنارة في الشوارع ، كنت أعلم أن ذلك يشكل عائقاً أمام العديد من الفتيات للاستفادة من فرص مشابهة أو حتى التنقل بعد غروب الشمس للتنزه.

 

خلال تطوعي في جمعية الزواج الخيريه في حرثا،كنت ألاحظ أن انارة الشوارع تلعب دورا مهماً في حرية حركة الفتيات و تنقلهن، وقلقهن المستمر لمغادرة الجمعية قبل الغروب لعدم توفر إنارة، حتى ان منطقة الملعب الرئيسية لا يتوفر فيها إنارة مما يجعلها خالية من الأهالي والأطفال.

 فكرت بأن من واجبي التحرك للمطالبة بإضاءة هذه الشوارع، تواصلت مع اثنتين من زميلاتي، زهرة العبيدات وتمام العزام، للعمل على ايجاد حلَ لمشكلة الإنارة في قرية حرثا.

بدايةً تواصلنا مع مجموعة من سيدات المنطقة للتأكد من مدى حاجتهن ودعمهن لفكرة المبادرة، وجدنا أن إنارة الشوارع العامة واضاءة الملاعب في القرية حاجة أساسية للنساء لتمكينهن من ممارسة حياتهن بشكل طبيعي، تحمسن للعمل معنا، بدأنا بالحشد المجتمعي وكسب التأييد والدعم و المناصرة من أهالي المنطقة كذلك قمنا بالتشبيك مع أصحاب القرار كرئيس بلدية الكفارات، ورئيس المجلس المحلي في حرثا، وعضو اللامركزية ومتصرف لواء بني كنانة، لم يكن لدينا فهم كافي لصلاحيات كل جهة، ساعدتنا هذه المبادرة على تعميق فهمنا لصلاحيات البلدية ومجلس المحافظة واللامركزية، ومعرفة التقاطعات بينهم، تمكنا في النهاية من إقناع البلدية بإضاءة الشارع والملعب.

 

لقد غيرت هذه المبادرة من دورنا في المجتمع كجمعية، حيث تحولنا من جمعية خيرية تتلقى وتوزع المساعدات الانسانية إلى جمعية تنموية، تعقد تدريبات وجلسات توعوية تراعي النوع الاجتماعي، وتعمل على الحشد المجتمعي وكسب التأييد لقضايا تهم المجتمع المحلي ككل وبالأخص النساء، زاد ذلك من ثقة المجتمع المحلي بنا كنساء قياديات وكجمعية، وأصبح لدينا قدرة على مأسسة طريقة العمل التي اتبعناها لتنفيذ المبادرة فنحن اليوم أكثر قدرة على إشراك فريق العمل بكل التفاصيل، تطورت طريقة تعاملنا مع الممول، زادت قدرتنا على التوثيق وكتابة التقارير والتعامل مع المتطوعين، بنينا علاقات وتحالفات مهمة مع جمعيات أخرى في المنطقة.

على الصعيد  الشخصي، اكتسبت مهارات جديدة من خلال تنفيذ هذه المبادرة أهمها تخطي العقبات والعراقيل والمضي قدماً نحو الهدف، وكذلك زميلاتي تمام وزهرة، فقد تحدت تمام الأنماط التقليدية للنوع الاجتماعي على مستوى العائلة والمجتمع، حيث قالت "أصبحت أتقبل وجود زوجي بجانبي في أعمال البيت وأصبح هو بالمقابل يساندني في عملي. أتقنت أسلوب الحوار مع الآخرين وقبول آراء الآخرين، فأصبحت استمع لأولادي وأتقبل رأيهم وأصبحت أعطي لبناتي مساحة أمان من خلال السماح لهن بالخروج مع صديقاتهن حتى لو لوقت متأخر قليلا"، أما زهرة عبيدات وهي من القياديات المجتمعيات، تقول "تعلمت من خلال هذه المبادرة أهمية اشراك المرأة والشباب في التخطيط والتنفيذ في مراحل العمل التنموي، ليتم تنفيذ ما يحتاجه المجتمع المحلي بكافة شرائحه".

 

عدم توفر إنارة ليلية للشوارع والملعب الرئيسي في قرية حرثا في إربد

عدم توفر إنارة ليلية للشوارع والملعب الرئيسي في قرية حرثا كان يجعل التنقل ليلاً أمراً غير آمن للسكان ويحرم أهالي المنطقة من المشي بعد غروب الشمس والتنزه بالملعب بالأخص للنساء والأطفال

ماذا يعني هذا للنساء؟

يؤثر عدم توفر إنارة ليلية للشوارع بشكل كبير على النساء بشكل خاص لأنهن يشعرن بعدم الأمان في المناطق غير المضاءة بصورة أكبر من الرجال و يزداد شعورهن بالخوف من التعرض للتحرش مما يحد من قدرتهن على التنقل والتنزه بغد غروب الشمس.

واليوم وبعد عام ونصف من اللقاءات والجلسات الحوارية والتواصل والتشبيك مع أصحاب القرار، تمكنت مبادرة "عروس الشمال ونورها حرثا" من الضغط على بلدية الكفارات لصيانة وإضاءة 117 وحدة إنارة وتوفير طاقة داخل بلدة حرثا وإنارة الملعبين ( الرياضي والبلدي)، كما قامت بلدية الكفارات بإنارة الجزء الجنوبي من الشارع الشرقي بعدد تسع وحدات إنارة وتبقى تسع وحدات إنارة وثلاثة أعمدة بحاجة إلى تركيب خلال الفترة القادمة كما تم وضع إنارة الجزء الشمالي على خطة البلدية لعام 2020. 

للاطلاع على الفيديو اضغط هنا