كوثر كريشان - محافظة جرش

2018-10-03

منذ 9 سنوات مضت، قمت مع مجموعة من السيدات، بتأسيس الجمعية الأردنية للتنمية البشرية في منطقة سوف – جرش، كان لدي رغبة في خدمة السيدات وأهالي هذه المنطقة التي تعاني من غياب بعض الحقوق الأساسية، وأهمها المواصلات. منذ فترة توقف خط الباص العام بين منطقة البرج وسوف البلد عن المرور في المنطقة، مما اضطرني والعديد من الأهالي إلى الاعتماد على السيارات الخاصة،وهذا ما زاد الأعباء المالية من جهة أو السير لمسافات طويلة أحياناً كثيرة لنستقل الباص، مع العلم أن انتظار الباص عادة يتم في أماكن غيرمناسبة، يرافقه شعور بالخوف والقلق من احتمالية التعرض للتحرش خاصةً في ساعات الصباح الباكر والمساء. شكل ذلك عائقاً لي ولغيري من السيدات من التنقل بسلاسة للاستفادة من الفرص المتاحة في العاصمة أو خارج نطاق المنطقة.  لذا قررت العمل على مبادرة للحشد المجتمعي نطالب من خلالها إعادة خط الباص العام للمنطقة.

وسوف، هي بلدة أردنية تقع في لواء قصبة جَرش في محافظة جَرش، وتَتْبع إدارياً لبلدية جَرش الكبرى، وتعد ثالث أكبر تجمع سكاني في المحافظة،وتعد منطقة البرج أحد المناطق التابعة لسوف.يصل عدد المناطق غير المخدومة بشكل مباشر في جرش إلى 13 قرية، مقابل 40 قرية مخدومة بشكل مباشر، حيث يبلغ عدد خطوط النقل العام 29 خطاً داخلياً من جرش باتجاه القرى، بالإضافة إلى 15 تكسي عمومي يعمل على خطوط جرش المختلفة.

 

لم تستجب الهيئة العامة لوسائل النقل حتى اليوم للمطالبات بتزويد قرى كثيرة بخط باص يخدمها بشكل مباشر.

 

تجربة الطالبة في جامعة اليرموك بلقيس (23 عاماً): في أحد الأيام خلال توجهها إلى تجمع الباصات في سوف، اضطرت لأخذ سيارة خاصة مع شخص لا تعرفه، وزعم أنه سيقلّ فتيات من ذات المنطقة، لكنه استمر بالقيادة إلى منطقة بعيدة تخلو من السكان، كما تروي بلقيس، ما أثار ذعرها وطلبت منه التوقف لتنزل من السيارة حيث قامت بأخذ سيارة خصوصي من منزلها لخط الباصات الأول ثم عادت لتستقل باصات (سوف – جرش) لتصل الى مجمع جرش. لأن منطقة البرج لا يتوفر فيها أية وسيلة نقل عام وتبعد عن مجمع جرش (القروان) في مدينة جرش 8 كم تقريبا .

 

وللحدّ من تكرار هذه المواقف، قمت بحشد أهالي المنطقة لتوقيع عريضة لمطالبة الجهات المعنية برفد المنطقة بخط باص عمومي لخدمتها، لأن المبادرة انبثقت من معاناة النساء وشعورهن بالخوف وعدم الأمان في كل مرة يحتجن فيها إلى النقل. الحملة عملت على كسب تأييد لإرجاع خط الباص، وتم إيصال المطلب إلى مدير هيئة تنظيم النقل البري في جرش محمد علاونة، والنائب هدى العتوم ورئيس بلدية جرش علي قوقزة.

 

اطلقنا المبادره عام 2018، بالتعاون مع نساء وأهالي منطقة البرج الواقعة على بعد 2 كم من بلدة سوف غرب جرش، مبادرة حملت شعار (وصلني بأمان)، عقب مواجهة النساء للعديد من المخاطر في ظل توقف خط الباص الذي يخدم المنطقة منذ 17 عاماً، والاعتماد على السيارات الخاصة في التنقل.

واقترحت علينا هيئة النقل أن تتولى الجمعية شراء الباص بينما تزودهم الهيئة بخط، في حين أننا كجمعية لا نملك مبلغ اثني عشر ألف دينار ثمناً للباص، ونرى أن توفير باص خط عام ليخدم المنطقة من واجب هيئة النقل.

قمنا بالتنسيق مع نائب المنطقه العتوم بالتواصل مع مدير هيئة النقل البري في جرش بخصوص مبادرة "وصلني بأمان"،أكدت الهيئة بأن الحل هو أن تقوم شركة الباصات الداخلية في سوف بتزويد المنطقة بباص، أو أن تقوم  إحدى الجمعيات أو المؤسسات الأهلية بشراء باص.

 

ما العمل: نفذنا مجموعة من الزيارات المنزلية للتواصل مع النساء ولجمع المعلومات حول مدى تأثر النساء بتوقف خط الباص العام، ومن خلال القصص التي سمعناها من النساء وبالأخص حول التحرش التي تعرضت له بعضهن وشعورهن بالخوف وعدم الأمان في كل مرة تحتاج فيها المرأة إلى التنقل، بالإضافة إلى أهميته للشباب أيضا، فالنوع الاجتماعي يبحث في حاجات الذكور والإناث، كما تم تحديد أولوية أخرى لأهالي المنطقة،وهي ضرورة  وجود مركز صحي شامل يخدم منطقة أهل البرج كون المركز الموجود لا تتوفر فيه الخدمات الصحية الكافية لأهالي المنطقة، وغير ملائم كبنية تحتية،  تم العمل على هذه القضية  بشكل منفصل،أدركنا ضرورة القيام بحملة لكسب التأييد والضغط على صاحب القرار لإعادة خط الباص، تواصلنا مع مدير البلدية والنواب والمحافظ وقمنا بتكرار بعض هذه الزيارات عدة مرات لتصبح على جدول أولويات صاحب القرار، في الوقت ذاته، نفذنا عدة تدريبات ولقاءات مع الشباب والشابات في المنطقة لتوعيتهم وكسب تأييدهم حول القضية. أثمرت هذه اللقاءات على حصولنا على الدعم والثقة من المجتمع المحلي من فئات مختلفة من الشباب والنساء والرجال، وبناء تحالفات مع وجهاء المنطقة وجمعيات أخرى منها جمعية النورالمبين للتنمية الاجتماعية،حيث لعبت دوراً مهماً بالتواصل مع أهالي المنطقة والوجهاء والبلدية والنواب.‏

 

نجاحنا تلخص بقدرتنا على إيصال مطالبنا إلى صناع القرار وقدرتنا على الحشد المجتمعي لإضفاء أهمية على مطالبنا.

 

اليوم أصبحت القضية مطلباً مهماً لأهالي المنطقة، ونحن ننتظر لقاءاً قريباً مع وزيرالنقل وصدور قرار إعادة الباص الذي لن نكل ولن نتوقف حتى يتحقق.على الصعيد الشخصي،  ساهمت هذه المبادرة بتعزيز مهاراتي في القيادة والتأثير والقدرة على الإقناع وبناء الثقة والقدرةكما مكنتني من العمل في التنظيم المجتمعي والقضايا الحقوقية.

 

للاطلاع على الفيديو اضغط هنا